
نزار القرطاوي
إسمي نزار وأنا من منطقة الزاهرية في طرابلس.
كُنتُ الأخ البكر في عائلة مؤلفة من سبعة أولاد. توفي والدي في صغري واضطررت لترك المدرسة عندما كنت في صف الخامس فقط للعمل ومساعدة والدتي بإعالة العائلة. كان عمي قد وجد لي عملاً في كراجِ أحد رفاقه لتصليح السيارات. سارعتُ وأغتنمتُ بتلك الفرصة وبعد فترة قصيرة انتهى تدريبي وأصبحت بارعاً بعملي حيث تمكنت من فتح كراج خاص بي بالقرب من مدرسة غنوم الزاهرية.
عملتُ بجهد ولكن لم يمنعني ذلك من الموازنة بين عملي وأصدقائي. إذ كنت أجتمع مع أصدقائي في الليل وللإستماع والرقص على أغاني فرقتين أسطورتين: فرقة الآبا والبي جيز. بالإضافة الى أصدقائي، كُنت أعشق فتاة إسمها هنادي. كانت تصغرني في السن ولم يرضى والديها عن علاقتنا. ولكنّي كُنتُ مستعداً للإنتظارها، إذ كُنتُ أبلغ من العمر مجرد تسعة عشر عاماً وكنتُ اعتقد أنه لدي حياة طويلة أمامي.
في 1 كانون الثاني من عام 1983، ذهبتُ مع صديقي الى الكورة للحصول على قطعة غيار لسيارته. ولكن بينما كنّا على طريقنا الى هناك، صادفنا رجالاً مسلحين كانوا متمركزين على حاجز في منطقة بحصاص – الكورة. ولم نبعُد عن تلك النقطة.
قال الكثير من الشهود بأنهُ قد تم أخذنا وحجزنا في سجن أميون. ولكن كانت والدتي قد ذهبت الى ذلك السجن عدة مرات ولم يُسمح لها بالدخول إليه أبداً. رغم ذلك، بقيَت والدتي تذهب الى هناك يوم بعد يوم الى أن أتى اليوم وأبلغوها بأنني لم أعد هناك.
وبعد تسعة عشر شهراً من إختطافي، زارها شخصٌ كان يعمل مع زوجِ شقيقتي وأعاد لها الأمل برؤيتي مجدداً. فلقد قال لها بأنهُ كان مُحتجزاً معي داخل سجن في منطقة فيح بالكورة ، كان يُطلق على ذلك المكان إسم الكهف. هذا الشخص كان قد أُعتقل قبل فترة مع زملائه في العمل وأُطلق سراحهم بعد حين.
ولكن عندما ذهيت والدتي الى ذلك السجن، لم تجد شيئاً غير الفراغ العامر.
إسمي نزار القرطاوي. قصتي لا تنتهي هنا.