Maher Qassir

ماهر قصير

كنتُ الإبن البكر في عائلةٍ مؤلفةٍ من ثلاثةِ أولادٍ وفتاتين. كانت تجمعني علاقةً مميزةً مع والدتي العزيزة إذ كانت دائماً ما تساندني. حتى في ذلك اليوم الذي أخذتُ فيه السيارة وحطمتها؛ ذهبت وتكلمت مع صاحبِ السيارة الثانية وعالجت الأمر - لحسن حظي! لقد عرفتهُا على أغاني مارسيل خليفة، كنتُ اعزِفُها على الغيتار لعدة ساعات، وفي الحقيقة كنتُ أفكرُ في أن أصبحَ عازفَ غيتارٍ محترفٍ، إما ذلك أو دراسةِ إدارة الأعمال. 

ولكن هذه الأحلام انتهت في 17 حزيران عام 1982 عندما لم أعد إلى منزلي. كان عمري 15 سنة ربيعاً. 

منذُ ذلك اليوم كافحت والدتي لكي تجدني. لم يكن بمقدرها أن تقبل وتحزن على فقدان ولدِها من دونِ معرفةِ ما حدثَ لهُ ومن دونِ وجود قبرٍ له لإيجاد السلام. لم يعد لأي شيءٍ معنى بعد ذلك. كانت تريدُ أن تكونَ قريبةً مني حياً أو ميتاً وحاولت أن تجد بعض الراحة من خلالِ إهداءِ لوحتها لي وبالتالي ابقائي موجوداً في حياتها. واليوم كلَ غرفةِ في شقتها مليئةً بصورٍ لي. 

ولكنها ما زالت تحسُّ بالضياعِ وما زالت تبحثُ عن مكانٍ حيث يُمكنها التواجدَ معي. ومُنذُ اعوامٍ قليلةٍ وعلى الذكرى السنوية لي، ذهبت ووضعت وردةً في المكان الذي فُقِدّتُ فيه؛ المكان الأخير الذي كنتُ فيه قُبيلَ اختفائي. وكان ذلكَ المكان العلامة الوحيدة والشيء الوحيد الذي لهُ معنى لها والذي يُمكن أن يُخفِفَ من عذابها. 

ومُنذُ ذلكَ الحين قامت والدتي بزرعِ شجرةٍ ذكرةً لي. واليوم تقوم بزيارةِ هذا المكان في كل مرةٍ ارادت أن تكون قريبةً مني. 

أودُّ كثيراً أن تجدَ الأجوبة وبالتالي تجدُ الراحة. 

إسمي ماهر قصير ووالدتي هي مريم سعيدي. لا تضعوا قصتي تنتهي هنا.