Imad Abdallah

عماد عبدالله

إسـمي عمــاد. أنــا آخــر العنقــود مــن بيــن 5 أولاد. كنــت ُ مقربا جــدًا مــن أختــي الكبرى سـامية، فهـي عَمليًـا مـن ربانـي. كنـت أبلغ مـن العمر 9  سـنوات عندمـا تزوجت سـامية وانتَقَلـت إلـى بيتِهـا الجديـد. كنـت أذهب لزيارتها يوميًـا بعـد المدرسـة. وفـي العطـل  الأسبوعية، كنا نأخذ ابنهـا ونذهب معا إلى شاطئ البحـر. كان شقيقاي يمازحانني ويهـزآن بـي لأننـي كنت مـن النوع الهادئ والرومانسي. كنت ُ أمتلك مذكرة أكتـب فيها قصائدي ورسـائل الحـب. كنـت أيضـا أهـوى مشـاهدة أفـلام عـادل إمـام القديمـة، فكنت أشاهدها مِ مرارا ً وتكرارا دون ملل أو كلل، وخاصة  أفلام الكوميديا الرومانسـية. فـي الوقـت الـذي وقـع فيـه ذلـك اليـوم المأسـوي، كنت علـى وشـك عقـد خطوبتي. كانــت تدعى سميرة. كنــت قــد ادخــرت مــا يكفــي مــن المــال كــي أشــتري لهــا خاتــم الخطوبـة مـن متجـر المجوهرات حيـث كان زوج أختي يعمـل. كنت في قمة الحماس. ولكـن مخططـي لحيـاةٍ جديـدة مـع الفتـاة التـي أحببـت  قطِع فـي عـام 1984.

كنت في ذلك اليوم مع اثنين من أصدقائي، محمد ودرغام.

كنا نشقّ طريقنا قادمين من حفل زفاف في طرابلس ومتوجهين نحو بيروت عندما أوقفنا حاجز على الطريق. درغام قتل على الفور، وأخذنا أنا ومحمد بعيدا.

خطر لعائلتي أنه مـن الممكـن أن أكـون قـد أُخـذت إلـى سـوريا، فسافروا إلـى هنالِك متأمليـن إيجـادي فـي أحـد السـجون السـورية. جميـع الأشـخاص الذين إلتقوهم نفوا وجودي فـي أي معتقل. رغـم ذلـك، لـم تفقـد أختــي سـامية الأمـل قـط بأننـي سـوف أعــود إلــى المنــزل يومـا ما. مرت الســنين وانتهــت الحــرب ولكنني لــم أرجــع وهنــاك  الآلاف مثلـي.

مـع نهايـة التسعينيات، افـرج عن أشخاصا قالوا لأختـي إنهـم قد رأوني في المعتقل. يمكنكـم أن تتخيلوا الكـم الهائل مـن السـعادة والإرتيـاح الذيـن شعـرت بهما عائلتي حينها. وفـي عـام 2003، وبعـد أن زار شـخص مـن صيـدا أخاه في سـجن سـوري ، أحضر رسـالة إلـى أختي مكتوبة بخط يدي. أصبح الأمر مؤكدا أنني علـى قيد الحياة، وسـوف أعود إلى بيتي وعائلتي. تلت هـذه الرسـالة رسـالة ثانيـة، و كانـت الأخيـرة. عندمـا بـدأت الحـرب فـي سـوريا، أملت عائلتـي أن يطلق سراحي، ولكن آمالهم وطموحاتهم تبعثرت وانهارت، تماما مثلما انهارت آمـال المئات من العائلات الأخرى. 

هــم لا يعرفــون أيـن أنـا أو حتى إذا مــا كنت لا أزال علــى قيـدِ الحياة. ولكــن، وعلــى الرغـمِ مـن مـرور 32 عاما، هـم لا زالوا يؤمنون بأننـي قـد أعـود. قـد تظنـون أن هـذا مـن الحماقـة. ولكن، منذ بضعة سنوات، عاد شـخص مـن سـوريا كان معتقـلا فـي سـجونها لأكثـر مـن 30 عامـا. كيـف لأحـد أن يكـفّ عـن الأمـل عندمـا يكـون هناك ولـو أصغــر إمكانية؟

إسمي عماد عبدالله. لا تدعوا قصتي تنتهي هنا.