
خليل أبو زكي
تُم تحديد كل شيء؛ جوازات سفرنا مع تذاكر الطياران. بعد يومين سنكون في إلمانيا لبدأ فصل جديد في حياتنا. كان الأولاد متحمسون كثيراً...
ولكن قبل مغادرتنا، وجب عليّ الذهاب الى سوريا لتسلّم بضع من قطع شاحنات بناءاً على طلب من الشركة التي كُنتُ أعمل بها. خططتُ للذهاب الى ميناء اللاديقية يوم السبت والعودة الى المنزل يوم الأحد.
ولكنني لم أعد، حتى عندما حان وقت ذهابنا الى المطار صباح يوم الإثنين. عندها ساد القلق على وجوه أقربائي. كان واضحاً لهم بأن السبب الوحيد الذي يُمكن أن يجعلني أُفوت رحلة سفري الى إلمانيا هو إذا حصل شيئاً سيئاً لي.
كان واضحاً بأنني قد دخلتُ الى الأراضي السورية من خلال سجلات الدخول على الحدود إذ كان هذا الأثر الوحيد الذي بقي لي.
وفي 13 حزيران من عام 1987، إنهارت حياتي وحياة عائلتي في مكانٍ ما في سوريا.
إذ بعد إختفائي، فقدت زوجتي دلال الأمل بالكامل. وبسسب الحزن الشديد، فقدت القوة على الإستمرار وشعرت بأنها غير قادرة على تربية ثلاثة أولاد لوحدها. وبعد سبعة أشهر من ذلك اليوم المأساوي، غادرت وتركت كل من عبير، إبنتي البكر والتي كانت تبلغ من العمر تسعة سنوات ومنال التي كانت تبلغ من العمر ثمانية سنوات وبهاء الذي لم يتعدّ الخمس سنوات، ليتم رعايتهم من قبل أجدادهم.
مع مرور الوقت، إعتاد أولادي على العيش في غيابي وبدأوا بتأسيس حياة خاصة بهم. ولكن حتي الآن، ما زالت إبنتي البكر عبير تعيش في الذنب؛ تدين حياتها المريحة المليئة بالضحك والحياة بفكرة إمكانية وجود والدها خلف قضبان السجن، حياً. وتحلم بايجادي والقول لي والدموع في عينيها: "آسفة لأنني خذلتك."
إسمي خليل أبو زكي. لا تدعوا قصتي تنتهي هنا.