Fadeeli

فضيلة و نوري ابراهيم

هذه الصورة القديمة لفتاةٍ صغيرة محاطة بوالديها هي أكثر بكثير من مجرد صورة بسيطة من الماضي. هذه الصورة هي الصورة الوحيدة التي بقيت من ماضينا.

 

نيسان عام ١٩٧٥. كانت قد بدأت الحرب لتوّها. كنا في منزلنا في المنصورية مع اولادنا؛ ناريمان، الفتاة الصغيرة في هذه الصورة وسفيان الذي ولد بعد سنة. وفجأةً، إقتحم رجالٌ مسلحون منزلنا وأخذوني أنا وزوجي. 

 

بقيت نريمان التي كانت تبلغ سنة من عمرها وأخاها سفيان الذي لا يتعد الأربعة أشهر في المنزل مع شقيقة زوجي الصغرى حنيفة التي كانت تسكن معنا في ذلك الحين والتي تبلغ من العمر الخامسة عشر سنة فقط.

 

ظلّ كل منهم محتجزون في المنزل لمدة أربعة أيام، خائفين من عودة  هؤلاء الرجال. حتى اليوم الذي أدرك فيه بعض الجيران المأساة التي وقعت. وقاموا بالمساعدة في إعادة شمل الأولاد مع أجدادهم الذين كانوا يسكنون في منطقة عفرين في سوريا.

مضى على إختفائنا حوالي أربعين عام. ولكن لا يمرّ يوماً ولا تفكر إبنتي نريمان بنا. ولأنها كانت طفلة ولا تتذكرنا، تقوم بجمع جميع الذكريات التي يتملكها اقربائنا ورسمها كصورة لتوريثها لأولادها. فقد قالت لهم بأن جدتهم كانت أم حنونة وخياطة ماهرة. وقالت أن جدهم كان نجاراً والذي بالرغم من شخصيته الجدية كان أباً حنوناٌ. تلك الصورة غير كاملة ولكن ذلك ليس مهماً على الإطلاق. ما هو مهم بالنسبة لنريمان هو معرفة مصير والديها وما حدث لهما بعد مجيء هؤلاء المسلحين الى منزلهم. 

 

قصتنا لا تنتهي هناك. 

 

اسمي فضيلة ابراهيم وزوجي هو نوري.