Fadi Habbal

فادي حبال

إسمي فادي وفي عام 1983 كنت ادرس في معهد العاملية في بيروت. اعتدت الرجوع إلى المنزل في نهاية كل أسبوع للإطمئنان على عائلتي. كنت متطوعاً في الصليب الأحمر مثل العديد من اصدقائي. في تلك الأيام المليئة بالحرب، كنت واثقاً بأن لدي واجباً بمساعدة الآخرين. أعتقد انني ورثت ذلك الإلتزام من والدتي التي كانت تعمل كممرضة.  

خلال أيامي القليلة والأخيرة في المنزل، كنت اتحدث مع أختي زينة كثيراً حيث كنت اشركها قصص عمليات الإنقاذ التي شاركت بها مؤخراً. كنت أحزن وأتلهف على فقدان الشبان – الذين كنتُ بعمرهم حينها – للموت بسبب الحرب.  لم أكن أتخيل أنه بعد بضعة أيامٍ قليلة سوف أكون أن أيضاً أحد الأشخاص الذين أخذوا بعيداً عن عائلتهم. 

في الأسبوع التالي، كان أهلي ينتظرون عودتي كالعادة ولكن لم أتمكن من العودة. وبالتالي، سيطر القلق عليهم فتوجهوا من صيدا إلى بيروت ليسألوا اصدقائي وزملائي في المعهد إن كان لديهم أي معلومات عن مكان تواجدي. ولكن هم أيضاً لم يعرفوا شيئاً عني إذ مرت أيامٍ عدة ولم يسمعوا عني أي خبر. 

وفي الأشهر العديدة التي تبعت، قامت عائلتي يائسةً بالبحث عني سائلةً  مُختلف الأحزاب التي كانت تتحارب في ذلك الحين  ولكن دون الحصول على أي إجابة، إلى أن أتى اليوم الذي جاء فيه شخصاً إلى عتبة المنزل وقال لهم بأنه قد رآني سجيناً في إحدى السجون السورية. 

في تلك اللحظة، اطمأنت عائلتي وعرفت انني ما زلت على قيد الحياة. وتولد بداخلهم بصيص من الأمل؛ أمل عودتي إلى المنزل مرةً أخرى. ولكن مع مرور الوقت، عاد اليأس ليسيطر على أحبائي شيئاً فشيئا. 

وفي عام 2005 وبينما كانوا يزورون خيمة المفقودين في وسط المدينة، تعرف بضعة أشخاص الذين قد أُطلق سراحهم من سجون سورية على صورتي. 

ومرة ثانية، تجدد الأمل بداخل اقربائي ولكن كيف لهم أن يتأكدوا من ما قيل لهم؟ كيف يمكنهم العثور على الأجوبة؟ والأهم، كيف يمكنهم الاستمرار في العيش مع كل تلك الأسئلة التي لا تنتهي؟

إسمي فادي حبال. لا تدعوا قصتي تنتهي هنا.